2
أما تبعات الحرب ، ففي عنق تجار السياسة ، وطلاب النفوذ على حساب الوطن . من سخريات القدر
أن يصبح المجرم بطلا يتباهى بتحميل الضحية مسؤولية الإعتداء عليه . وكأنما المطلوب أن تغيب
الدولة لكي تنتصر نظرية أولئك المتشدقين اليوم ببطولاتهم السياسية الفارغة من أي مضمون والقائمة
على النكر للشهداء . وهم ينصبون أنفسهم قضاة تاريخيين لمحاكمة الأبرياء وتبرأة الأعداء
موزعين روائحهم النتنة ونقيقهم الفارغ على كل المسامع
بئس الرجعيين والمرتجعين من نواويس التحنيط والماضي البغيض
لقد انقض الكتبة والفريسيون ، الجهلة ، وورثة السلطنة العثمانية ، رجال المنافع الشخصية ، أكلة
الجبنة وأي شيئ آخر يقدم لهم ... على فرصة الوفاق والسلام ، وهم يتناتشونها على موائد مصالحهم
الذاتية ويتشاتمون من أجل تقاسمها . حكومة تذكرنا ( ... ) بأننا شعب حكم عليه طويلا بالتزوير
العلني ، والسطحية المتسلطة ، والمراهنة المكشوفة ، والرياء المتبادل ، والوقائع المحورة ، والحقائق
المتقلبة . فأي سلام ، لأي لبنان ؟ وأي رجال ، لأي دولة ؟ وأي دولة ، لأي رجال ؟ صفة تمثيلية
معدومة ، مصداقية مفقودة ، خلافات على مدار الساعة ، عقم مستفيض ، إدارات مشلولة ، مراكز
شاغرة ، فساد مستشر ، تقليد قاتل ، تخلف مستفحل ، جهل مطبق ، لا التزام ، لا تضحية ، لا تدبير
لا وفاء ، أضف على ذلك كله لا أخلاقية تظلل كل شيئ
مشروع الوفاق يضيع في متاهات التخلف والرجعية والعقم والتقليد والمصالح الشخصية
وبعد ، أي وفاق يرجى ، وأي لبنان ، أسير طبقة سياسية تقليدية ، وجملة منتفعين يريدون بناء الوطن
على رمال المساوات والمصالح ، ويقرأون في قاموس من المصطلحات الكاذبة . فالانتفاع في نظرهم ان نخون ثقة
الشعب وأن نلحق بركب المنتفعين ، والاعتدال في قاموسهم أن تسقط اقتناعك وتتبنى اقتناعات غيرك ، والاتزان
عندهم أن تفهم الآخرين لا أن تتفاهم مع الآخرين ، والرشد في مفهومهم أن تصاب بعقدة لنقص وعقدة الخوف
وعقدة اليأس . وفي كل ذلك ، يريدون لبنان إما سجنا وإما مصحا وإما منفى . ولكن ليس ببعيد ستنتصر الحقيقة
لنفسها ولكل شهداء لبنان ، في أي موقع سقطوا ، وستوزع أسياد هذا المنطق على المنافي والسجون والمصحات
ولهذا كله ، أخجل من أن أكون في الوسط السياسي اللبناني ، الحوار إذا ساقط مع التقليد السياسي ، وبالتالي التفاهم
والمعركة شرسة .... ولا بد من بديل