Annahar | Assafir | Assafir1 | Hizbullah's Missiles | Legal action | Al Hayat | Al Hayat 1 | Critics in defense | In house crisis | Day of the disappeared | Crackdown no crime | The diamond triangle | Salvation | Gebran Tueni  | Home

العنوان: دمشق تدخلت لمنع استفراد لحود ولإعادة التوازن السياسي

بقدر ما أقلقت الأزمة الأخيرة بين أهل الحكم والحكومة اللبنانيين، حركت الهيئات الاقتصادية التي حملت همومها وتحذيراتها إلي الرؤساء الثلاثة والمسؤولين من بوادر انهيار البلاد اقتصادياً واجتماعياً ما لم يتداركوا الوضع، ويعودوا إلي وفاق سياسي حقيقي يؤمنون جميعهم بأنه وحده يقيهم هذا الانهيار ولا شك في أن تحرك رئيس الجمهورية باتجاه بكركي واللقاءات التي عقدها مع رئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ثم مع أركان لقاء قرنة شهوان ، فضلاً عن مساعي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومساعي الزعيم الدرزي، ساهمت كلها في إطفاء النار، وتهدئة النفوس. وكان لدمشق بالطبع الدور الأساس وراء استعجال التهدئة
لكن الأوساط السياسية والاقتصادية التي راعها احتمال تفاقم الأزمة وما قد تخلفه من أضرار في سمعة لبنان في الخارج، ومن تداعيات علي المستويين الاقتصادي والمعيشي، نشطت وتنشط ليس للمساهمة في التهدئة فحسب، بل من أجل النظر في المسببات والخلفيات والاعتبار منها لمنع تكرار ما حصل وأول ما تطرحه هذه الأوساط هو التساؤل عن دوافع فريق الرئيس لحود إلي الخطوات التي شهدتها البلاد علي الأرض وفي مجلسي الوزراء والنواب، واستنفرت خصومه الذين راحوا يحذرون من عسكرة النظام، خصوصاً أن تقاليد لبنان لم تعرف مثل هذه الخطوات من قبل.
يردّ مراقبون حملة الاعتقالات وتداعياتها إلي تلاقي مجموعة عوامل، أولها شعور الرئاسة الأولي وفريقها بأن ثمة تجاهلاً لموقفهما مع اتخاذ الحكومة ومجلس النواب مجموعة خطوات منها إقرار البرلمان تعديل أصول المحاكمات الجزائية لتقييد قدرة القضاء علي التوقيف الاحتياطي، خلافاً لرغبة لحود والقيمين علي الأمن. ثاني هذه العوامل طرح الحريري مسألة التعيينات الإدارية التي كان هناك خلاف عليها مع رئيس الجمهورية الذي اعتبر أيضاً أن تعاون جنبلاط والحريري وبري، أو تحالفهم بات يستهدفه وقد ينتهي باستفراده واضعاف دوره في القرارات الكبيرة. كما أن هذا التعاون وجد له بعض الامتدادات و العلاقات في صفوف أصوات وجهات معارضة. كما ساهم في توسيع هامش التحرك أمام قوي وأحزاب ممنوعة وجدت في المصالحة التاريخية في الجبل مناسبة لإعلاء نبرة صوتها ومطالبتها بانسحاب القوات السورية من لبنان، الأمر الذي دفع البطريرك الماروني إلي التدخل لإسكاتها والتمايز عنها... وهذا ما حدا بالعماد ميشال عون علي أن يحمل علي البطريرك في حملته علي من حمل.
ولم يكن فريق الرئيس لحود بحاجة إلي من يشرح له رسالة تحالف كتل بري والحريري وجنبلاط في مجلس النواب، ومن وافقهم من معارضين. فشعر رئيس الجمهورية سريعاً بأنه حُرم من أداة ديموقراطية أساسية في البرلمان الذي تجاهل ملاحظاته علي مشروع قانون أصول المحاكمات الجزائية. ومعروف أن كل من سبقه في كرسي الرئاسة كان يتمتع بنفوذ غالباً ما يكون راجحاً لمصلحته في صفوف السلطة التشريعية بحيث تؤخذ وجهة نظره في القوانين وتعديلاتها ويحسب لها حساب.
وما زاد في شعور فريق الرئاسة بمحاولة عزله أو استفراده، غياب الأداة الاعلامية الموالية أو علي الأقل الرسمية المعبرة عن وجهة نظره ومواقفه، خصوصاً بعد توقف تلفزيون لبنان الرسمي وعودته ضعيفاً مقارنة بوسائل الاعلام الأخري... لذلك لم يجد بداً من اللجوء إلي المؤسسة العسكرية والأمنية والقضائية. ويري بعض القريبين من بعبدا أنه فضل ألا يشرك حليفه الداخلي، حزب الله في المواجهة، مثلما فضل عدم اشراك دمشق أيضاً التي لم تكن علي علم بما هيأ له خصومه في مجلس النواب بخصوص قانون أصول المحاكمات... ثم بما هيأ لهم هو من خطة للرد عليهم .
لذلك تحركت دمشق سريعاً لضبط الأزمة تنفيذاً لسياسة قديمة - جديدة، منذ دخول قواتها إلي لبنان، شعارها الحفاظ علي التوازن الداخلي بين مختلف القوي السياسية، فلا يستفرد طرف طرفاً ولا يلغي أحد أحداً... وذكّر قريبون منها في هذا المجال بأنها تدخلت في بداية عهد الرئيس لحود ومنعت استفراد الحريري بعد خروجه من رئاسة الحكومة، وأقفلت ملف التحقيقات في مخالفات قانونية ومالية مع أعضاء من فريقه. مثلما تدخلت في الانتخابات الأخيرة بما يحفظ، عبر القانون الانتخابي، موقع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي... وهكذا تدخلت في الأزمة الأخيرة لإعادة التوافق بين الأطراف جميعاً علي قاعدة التوازن وعدم الاخلال به: وأعيد تعديل القانون في مجلس النواب وأطلق معظم الموقوفين وبُثت الروح مجدداً في التوافق السياسي